الحكومة الفرنسية تعتزم ضبط الشارع بعد مسيرات ضد عنف الشرطة
الحكومة الفرنسية تعتزم ضبط الشارع بعد مسيرات ضد عنف الشرطة
أبدت الحكومة الفرنسية عزمها على ضبط الشارع بعد أيام من أعمال عنف وشغب في المدن الفرنسية لم يشهدها البلد منذ عشرين عاما.
يأتي ذلك بعد التجمع الذي ضمّ نحو ألفي شخص، السبت، في باريس احتجاجا على عنف الشرطة رغم قرار حظره.
ونظمت، السبت، نحو ثلاثين تظاهرة أخرى ضد عنف الشرطة في مدن فرنسية أخرى ولا سيما مرسيليا (جنوب شرق) ونانت (غرب) وستراسبورغ (شرق) وبوردو (جنوب غرب)، وفق فرانس برس.
ونزل إلى الشارع بصورة إجمالية ما يقرب من 5900 شخص، بحسب أرقام وزارة الداخلية.
وفي أعقاب التظاهرات، تعهدت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن السبت في مقابلة أجرتها معها صحيفة "لو باريزيان" برصد "وسائل مكثفة لحماية الفرنسيين" في يوم العيد الوطني في الرابع عشر من يوليو.
وسعيا لمنع تجدد أعمال العنف في نهاية الأسبوع المقبل، أعلنت بصورة خاصة حظر بيع المفرقعات للأفراد بعدما استخدمها مثيرو الشغب أحيانا ضد قوات حفظ النظام.
عقوبات على العائلات
ومن التدابير التي تدرسها الحكومة، ذكرت بورن فرض عقوبات على عائلات الشبان الذين يرتكبون أعمال عنف.
وخلال مسيرة السبت في باريس، تجمع المتظاهرون بهدوء في ساحة لا ريبوبليك في قلب العاصمة تكريما لذكرى أداما تراوري، الشاب الذي قضى بعد قليل على توقيفه من قبل الشرطة في يوليو 2016.
وكانت الشرطة أعلنت قبل الظهر منع "تجمع غير معلن ينطوي على مخاطر إخلال بالنظام العام"، مشيرة إلى صعوبة ضمان أمنه بسبب نقص في عديد قوات حفظ النظام بعد حشدها للتصدي لأعمال الشغب.
وألقت آسا تراوري، شقيقة أداما التي باتت تجسد في فرنسا الكفاح ضد عنف الشرطة، كلمة أمام عدد من نواب حزب "فرنسا المتمردة" (يسار راديكالي)، محاطة بقوات أمنية.
وقالت: "نسير من أجل الشباب، من أجل التنديد بعنف الشرطة. يريدون إخفاء قتلانا.. فرنسا ليست في موقع إعطاء دروس أخلاقية.. شرطتها عنصرية، شرطتها عنيفة".
وفتح تحقيق بحقها لتنظيمها التجمع.
تنديد في طريقة التعامل مع أعمال الشغب
وألقت أعمال العنف الأخيرة الضوء على المشكلات التي يعاني منها المجتمع الفرنسي، من تردي أوضاع أحياء الضواحي الشعبية إلى تدهور العلاقات بين الشبان وقوات الأمن.
وقالت جنفياف مانكا المتقاعدة التي كانت تتظاهر في ستراسبورغ "كفى الضربات بأعقاب البنادق والرصاص المطاط (المستخدم لتفريق المتظاهرين)، إننا بحاجة إلى شرطة محلية".
ودعت نحو مئة جمعية ونقابة وحزب سياسي من اليسار إلى "مسيرات المواطنين" هذه للتعبير عن "الحداد والغضب" والتنديد بالسياسات التي تعتبر "تمييزية" ضد الأحياء الشعبية والمطالبة بـ"إصلاح عميق للشرطة".
من جهتها، نددت الحكومة بهذه الدعوات إلى التظاهر "في المدن الكبرى التي لم تتعافَ بعد من أعمال التخريب".
على صعيد آخر، احتجت وزارة الخارجية الفرنسية السبت على تصريحات لجنة خبراء أمميين انتقدوا بشدّة الجمعة طريقة تعامل قوات الأمن مع أعمال الشغب ودعوا إلى "حظر التنميط العنصري".
ونددت الوزارة بـ"تصريحات مبالغ فيها ولا أساس لها"، مؤكدة "تكثيف مكافحة مكافحة تجاوزات التدقيق الموصوف بأنه (مبني على الملامح)".
هوة بين من يملكون ومن لا يملكون
وفي السياق، كشفت صحيفة الأوبزرفر أن موت نائل كشف الهوة المتنامية بين من يملكون ومن لا يملكون، لافتة أن الحادث يثير أسئلة محيرة حول إصرار فرنسا على صهر جميع الأعراق ودمجها في هوية واحدة.
وتقول الصحيفة إن فرنسا تحوي تنوعا عرقيا كبيرا، وطابعها المتغير تأثر بعمق بالماضي الاستعماري، ولكنها لا تزال رسميًا تعاني من عمى الألوان.
وتقول الصحيفة إن الأساليب العدوانية والوحشية في بعض الأحيان التي تستخدمها الشرطة الفرنسية المدججة بالسلاح وغير المنضبطة هي مشكلة طويلة الأمد. وترى أن فشل الطبقات السياسية في فرنسا في معالجة هذه القضية هو أحد أسباب اعتقاد العديد من الشباب، وخاصة الملونين بأنهم في حالة حرب مع "النظام".
وتقول الصحيفة إن الفقر والمباني الفقيرة في الضواحي التي تشبه الغيتو والبطالة وفرص الحياة المحدودة والعزلة الاجتماعية مشكلات تواجه الشباب في العديد من البلدان المتقدمة، من بينها بريطانيا. وإذا أضفنا إلى ذلك العنصرية المؤسسية المزمنة، فلا عجب في حدوث انفجارات غير محكومة.
وتختتم الصحيفة قائلة إن ما يحدث في فرنسا تحذير للجميع.
وتسبب مقتل الشاب نائل في 27 يونيو في ضاحية باريس في إطلاق موجة من أعمال العنف استمرت خمسة ليال في مدن فرنسا، كانت غير مسبوقة منذ 2005.
وبعد أعمال الشغب التي أعقبت مقتل الفتى نائل البالغ 17 عاما برصاص شرطي خلال تدقيق مروريّ، جعل الرئيس إيمانويل ماكرون من إعادة فرض "نظام مستديم" أولوية مطلقة.